هل تشعر بضيق لا تعرف له سبباً؟
دعني أسألك:
هل تداوم على قراءة شيءٍ من القرآن يوميّاً؟
أقول يوميّاً!
الروح تتوق إلى كلام ربّها، فإن حرمتها منه، ضاقت و توترت، فضقت و توترت معها، فما هي إلا نصفك، و مهما حاولت إسعاد النصف الآخر (الجسد) بِـمُـتَـعِـهِ و ملذاته، لن تكون سعيداً على الحقيقة إلا بإسعاد نصفك الأهم، روحك.
قال تعالى:
"الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ" (الرعد:28)
فأنصح من لا يقرأ القرآن أن يضع له قدراً محدداً يقرؤه يومياً، و لا أنصح المبتدئ أن يحدد لنفسه قراءة جزء يوميّاً، و لا نصف جزء، ولا ربع جزء، بل و لا حتى ثمن جزء.
أنصح المبتدئ بأن يُـلـزِمَ نفسه بقراءة صفحة من القرآن بخشوع يوميّاً.
فإن جاءته بعض الأيام التي يرى فيها من نفسه حبّاً لقراءة المزيد، فليقرأ المزيد، و لكن يجب ألا يسمح لنفسه أبداً أن يمرّ عليه يومٌ لا يقرأ فيه صفحة من القرآن.
و تذكروا دائماً أنّ قليلاً متصلاً خيرٌ من كثيرٍ منقطع، و الدليل رمضان، ففي رمضان تجد الناس يختمون القرآن مرّةً و مرّتين و ثلاث و أكثر، و لكن بعد رمضان يهجرون القرآن!
هذا هو الكثير المنقطع!
و أنصح كذلك أن يقتني الواحد منّا مصحفاً يكون على هامشه بيانٌ لمعاني الكلمات، فإذا مرّت به كلمة لا يعرف معناها، رجع إلى الهامش.
هذا أدعى إلى القراءة الواعية المتدبرة، أليس كذلك؟
و الآن.
إن كنت من هاجري القرآن فقم الآن و توضّأ و ابدأ بقراءة الفاتحة، ثمّ الصفحة الأولى من البقرة، ثمّ الصفحة الثانية من البقرة، ثمّ توقف.
و في الغد، اقرأ الصفحة الثالثة من البقرة (أي الصفحة الرابعة من المصحف).
و في اليوم التالي اقرأ الصفحة الرابعة من البقرة (أي الخامسة في المصحف).
و هكذا.
و حدد لك وقتاً لا تُخلفه.
فمثلاً، يكون وقت قراءتِكَ للقرآن بعد صلاة الفجر، أو بعد العشاء.
و لا تخلفنّ هذا الموعد أبداً!
و الأفضل أن تقرأ صفحتك اليوميّة في بيتك، حتى تدعو الملائكة إليه، و تطرد الشياطين منه، و السلام.