يجلسون كما ألفوا، كل مساء. عند عصر كل يوم. في نفس المكان والزمان.
يلقون بأبدانهم المتهالكة. على كراسي، تحيط بطاولات، تهرأ خشبها، وصدأ حديدها، تحلقوا..
يندس بينهم الكذب ...يذكر أن جلسته هذه، كان يجلسها منذ أربعين سنة مضت. حين كان شاب في
اوج عمره .
بأفواه مفتوحة، ينصتون ببلاهة وأسنان متناثرة. كما كؤوس الشاي على رقعة الطاولة. المتسخة والتي أكلتها العفونة.
تتساقط كلمات فاحشة، من أفواههم القذرة. تجلب كلماتهم ذباب الأحياء العتيقة، إلى مجلسهم هذا.
أسنانهم المتبقية في أفواههم صدئت ببقايا السجائر، ودخان ما ينفثونه وما يشربون من خليط الكيف.
وأنوف تقطر زعفرانا أسود. من عطوس، يحضر من نواحي المدينة. تلاعب الأفواه الدخان المندفع من داخل أجوافهم. وتتلذذ الأنوف بالعطوس الذي أحضره (هجران الاخلاق) .
بكلامهم الفاحش، يحاولون أن يثبتوا رجولتهم. كمراهقين يبدون في كلامهم. شيوخا هم في ملامحهم.
تعجبت وأنا أساير تفاهتهم. تفاهة قوم أعلنوا التمرد على الأخلاق. أنصت وأراقب..
أستحضر أوصاف الرجال النبلاء. الشجعان الذين دافعوا عن هذه الامة وعن تاريخها.
أما هؤلاء فأراهم كرماد نار، استدفأ بها ركب مر من هنا منذ حين. تركوا تاريخا مجيدا. لطخه هؤلاء، بكلامهم الفاحش ولغتهم الماجنة.
غبار السنين يعلو ملامحهم وملابسهم. ولحاهم التي غير الزمن لونها.
شعث شعر بعض منهم. رغم كل ذلك فهاهم يضحكون، يتغامزون.
أتأمل وجوههم الكاذبة وضحكاتهم الزائفة. أبحث عن سر ذلك. فأستنتج أن الواحد منهم يضحك على الآخر. على بعضهم. على أنفسهم. بأفواه مغشوشة وبكلمات وحركات مغشوشة كذلك.
كل هذا يتم في مجالس السوء ,,
ساحة بسق نخيلها. وتفتحت زهور أحواشها. لكن ها هم يلطخون هواءها الندي.
تتناثر الكلمات فتصل أعشاش فراخ مهجورة. غادرتها مكرهة حين وصلت إليها كلماتهم الماجنة. استحيت. فغادرت دون عودة.
أعلنوا اللعنة على بعضهم . فكنت كمن تقاذفته أمواج أيام عصيبة. على شاطئ الحقيقة.
حقيقة يشوبها كثير من الإحباط. يجر عربتها بغال غير معلفة، عليلة. إلى هاوية لو سقطت فيها لكانت نهاية حتمية مأساوية.
أحضر فأغوص في محيطهم الموبوء، احاول ان اعرف ما هو الدافع وراء تركهم الاخلاق وجلوسهم
في مجالس تعمها الشياطين ,,, الفاظ تنفر منها الداوب لماذا كل هذا ؟؟؟ اسأل نفسي دوما... لماذا ؟؟؟
يا شباب الامة لماذا يا رمز القوة .... جلبنا العار لامتنا ولدينينا والعياذ بالله .
كثيرا ما كان يذكر لي أن جلساتهم هذه تفيد الإنسان في حياته، وتقوي شوكته.
وقد تضيف لك تجارب عديدة وحيل تعينك على فهم الغاز الحياة وأسرارها الغامضة.
يحدثني بكل ثقة. حاورت نفسي في سكون. قبل أن أحاورهم...
لم اشعر بذرة نخوة لم اشعر بذرة اخلاق يمتلكونها فنفرت من مجلسهم وتركتهم .
يتردد آذان المغرب من مكبر الصوت المعلق على صومعة المسجد .. وهم ما زالوا يهتفون
بالفاظ بذيئة وما زالوا يبركون في مجلسهم ... يتغافلون عن صوت الاذان صوت القران
صوت العقيدة والشريعة يتغافلون بكل جرأة... لماذا كل هذا ؟؟؟ استيقظوا يا شباب الامة
من غفلتكم استيقظوا فرحمة الله واسعة ..
الم يعد موعد التوبة الم يعد موعد الرجوع الى الله وترك التفاهات التي تسيطر عليكم
الى متى ستفضلون هكذا الى ان يحين موعد الرحيل عن الدنيا .
الهم صلي وسلم وبارك على سيدنا محمد الهم اهدي ابناء امتنا الى طريق الخير والبر والتقوى وحصنهم بالاسلام
يا رب العالمين .