III.المقاربات المختلفة المفسرة للاستهلاك
1.المقاربات التقليدية:
أ.المقاربات الكلاسيكية و النيوكلاسكية:
يحتل سلوك المستهلك في التحليل الكلاسيكي و النيوكلاسيكي مكانة مهمة.
فالمستهلك في هذا الفكر يفترض بأنه عقلاني(رشيد)و يبحث دائما عن الامثلية في توزيع دخله،أي تعظيم منفعته.
يرى التقليديون في كل سياسة إنعاش(توسع) استهلاكي بأنها مصدر محتمل للتضخم و من ثم الاختلال الخارجي.
لقد حاول التقليديون الجدد (خاصة والراس،جيفونز،منجل...) إيجاد جواب حول الكيفية التي يقوم بها المستهلك تقسيم دخله- و ذلك عند مستوى دخل معين-بين مختلف السلع الموجودة في السوق، و قد عرف هذا التيار الفكري بالمدرسة الحدية.
إن نقطة الانطلاق في التحليل الحدي هي دالة المنفعة.فبالنسبة للحديين فان قيمة الأشياء ترتبط بالمنفعة التي يمكن الحصول عليها من استعمال هذه الأشياء وليس بتكلفة إنتاجها فقط.
مثلا: لنفرض شراء سلعة اقتصادية و لتكن الأحذية مثلا.
شخص ليس لديه إلا زوج واحد من الأحذية ،فان المنفعة الكلية لهذه السلعة (الأحذية) كبيرة جدا.
إذا قام نفس الشخص بشراء زوج ثاني ،فان المنفعة الكلية كبيرة ،لكن المنفعة الحدية (أي المنفعة الإضافية للزوج الإضافي من الأحذية ) تنخفض.
بنفس الطريقة لو اشترى هذا الشخص بشرا الزوج الثالث...المنفعة الحدية تنخفض أكثر...
بهذه الطريقة نصل إلى قانون تناقص المنفعة الحدية التي تركز على أن المنفعة الكلية تتزايد مع الكمية المستهلكة من سلعة ما ،لكن المنفعة الحدية تتناقص.
لكن إذا رجعنا إلى التحليل الحدي .فبالنسبة إليهم ،فان قيمة السلعة تتعلق ، من جهة بالمنفعة الاقتصادية، و من جهة أخرى بكمية السلعة التي يمكن الحصول عليها(هذه الكمية محدودة بالندرة النسبية لهذه السلعة التي ترتبط هي الأخرى بالقدرة الإنتاجية للجهاز الإنتاجي) علما أن الموارد الاقتصادية في العالم نادرة.
المنفعة الحدية ترتبط بالندرة النسبية للسلع ، و بالتالي هي التي تحدد القيمة.
و بعبارة أخري،كلما كانت المنفعة الكلية ضعيفة (و هي حالة السلع النادرة جداً)، كلما كانت المنفعة الحدية أكبر و بالتالي كانت السلعة أغلى.العكس كلما كانت المنفعة الكلية كبيرة (و هي حالة السلع المتوفرة بكثرة) منفعتها الحدية تكون أقل، و بالتالي يكون سعرها أقل.
هذا التحليل يقوم على مجموعة من الفرضيات و التي تعرضت لانتقادات شديدة
لعل من الانتقادات التي تعرضت لها نجد:
اعتبار منفعة السلع تامة وهذا غير صحيح في الواقع.
قرارات الشراء لها دوافع و لا تتم بدون دراسة مسبقة.
تفترض المدرسة الحدية إمكانية اختيار واسعة على الرغم من أن المهم في الاستهلاك يتعلق بمجموعة من القيود(بشكل خاص الدخل).
ب.المقاربة الكينزية(نظرية الدخل المطلق)
تسمى بنظرية الدخل المطلق للتأكيد على أن قرارات الاستهلاك مبنية على القدر المطلق من الدخل الجاري الذي يحصل عليه الفرد.
القانون السيكولوجي الأساسي
يعتبر كينز أن الاستهلاك مرتبط بالدخل الجاري(أي دخل الفترة الحالية-الجارية-) فقط.بالنسبة لكينز فان دالة الاستهلاك تعبر عن ما سماه القانون السيكولوجي الأساسي:" في المتوسط و في أغلب الأوقات ،فان الأفراد يميلون إلى زيادة استهلاكهم شريطة ارتفاع دخولهم،و لكن الزيادة في الاستهلاك تكون أقل من الزيادة في الدخل".
انطلاق من هذا المبدأ ، قام كينز ببناء دالة الاستهلاك الكلية .
فرضيات النظرية
دالة الاستهلاك في النظرية الكينزية هي :
C = Ca + c Yd
حيث:
Ca: الاستهلاك المستقل عن الدخل.
C: الميل الحدي للاستهلاك و هو نفسه ميل الدالة.
و تفترض النظرية أنهما ثابتان.
Yd: الدخل الموضوع تحت التصرف.
APC: الميل المتوسط للاستهلاك.و هو متناقص بالنسبة للدخل،كما أنه أكبر دائما من الميل الحدي للاستهلاك.
تقضي نظرية الدخل المطلق بأن الاستهلاك دالة في الدخل المطلق الجاري و أن الميل المتوسط للاستهلاك يتناقص بزيادة الدخل.
الشرح البياني
دالة الاستهلاك الطويلة الأجل و دالة الاستهلاك القصيرة الأجل
إن دالة الاستهلاك الطويلة الأجل هي دالة الاستهلاك التي تمر بنقطة الأصل و التي تكون فيها: 0= Ca
و تكون معادلة الدالة كما يلي: C = c Yd
و في هذه الحالة نكون أمام MPC=APCأي الميل المتوسط يساوي إلى الميل الحدي.
الشكل التالي يوضح دالة الاستهلاك الطويلة الأجل و الدوال قصيرة الأجل.
الدوال قصيرة الأجل(غير متناسبة) تنتقل إلى الأعلى بمرور الزمن، و ذلك نتيجة تغير مجموعة من العوامل من غير الدخل، و من بينها نذكر ما يلي:
1.زيادة ثروات المستهلكين مع مرور الزمن و هذا ما يدفعهم طبعا إلى مزيد من الاستهلاك.
2.ظهور سلع جديدة في الأسواق ،بالإضافة إلى تطور الأنماط الاستهلاكية حيث تدخل مع مرور الزمن سلع جديدة مع الضروريات(و التي كانت تعتبر قبل ذلك من الكماليات)هذا يدفع إلى زيادة الاستهلاك.
3.زيادة كبار السن من السكان.