عقد مؤتمر مجلس الشرق الأوسط للقانون المالي في السابع عشر والثامن عشر من فبراير/2009 بفندق الفور سيزونز في مدينة الدوحة.
وقد ضم المؤتمر خبراء من البنوك الرائدة في الشرق الأوسط ومستشاريهم القانونيين ولفيفا من المنظمين والمشرعين والدبلوماسيين وعلماء الشريعة، إلخ.
وقد ناقش المؤتمر بشكل تفصيلي قضايا تتعلق بأسواق رأس المال، وإدارة الأموال، والتمويل المهيكل، والاندماجات المؤسسية، والحيازات،
كما قارن وحلل المؤتمر بشكل معمق معايير الأنظمة الرقابية والتشريعية المحلية والتحديات التي تواجه التمويل الإسلامي والمستجدات في هذا المجال. كما تعرف المؤتمر على الفرص الاستثمارية المتاحة في الأسواق المالية المحلية وبحثها بصورة تفصيلية .
وقد تحدث السيد ر. سيتارامان الرئيس التنفيذي لبنك الدوحة بصفته عضواً في هيئة المؤتمر عن كيفية "فهم هياكل التمويل الإسلامي وتقنياته" ملقيا الضوء على الأزمة المالية الحالية وأثرها على أداء الاقتصاد العالمي، والاستقرار المالي لدى اقتصاديات العالم، والتطلعات المستقبلية الاقتصادية لاقتصاديات العالم على خلفية الأزمة العالمية الحالية، والتغيرات المطلوبة في السياسات على مستوى الاقتصاديات الكلية وعلى المستوى النقدي/المالي وذلك تمهيدا للخروج من الأزمة المالية الحالية.
كما أوضح سيتارامان التغييرات في ملامح بعض اقتصاديات الدول والكتل، وتناول بالتحليل القوة المالية التي اكتسبها الغرب والتي نتج عنها نشوء المنتجات المالية المختلطة مثل المشتقات المالية وما رافقها من ممارسات محاسبية مبتكرة .
وناقش السيد/ سيتارامان بشكل موسع التحديات التي يواجهها التمويل الإسلامي في الوقت الحالي، واستعرض باستفاضة التدابير التي يجب اتخاذها لمواجهة هذه التحديات.
وقال سيتارامان : "إن التحديات التي تعترض التمويل الإسلامي فريدة من نوعها نظرًا لوجوب توفر سند قوي يأخذ الاعتبارات الدينية الأخلاقية بعين الاعتبار قبل تطوير أو تحسين أي منتج أو خدمة أو نشاط من نشاطات التمويل الإسلامي. ويكمن التحدي الرئيسي الذي يواجه التمويل الإسلامي في تحقيق المواءمة والتناغم بين متطلبات الأسواق من ناحية والالتزام بالمعايير القانونية والتنظيمية من ناحية أخرى، وذلك يستوجب وجود هيئة رسمية إسلامية دولية معترف بها عالميًا.
وتأتي بعد ذلك الحاجة إلى بناء بنية تحتية كافية لتوفير مرجعيات رقابية ذات سلطات وصلاحيات محددة وذلك فيما يخص عمليات المتاجرة والدفع والمقاصة والتسويات، بالإضافة إلى توفير الأنظمة التي ستؤتمن على استخدام الأدوات المالية الإسلامية استخداما صحيحا من الناحية الشرعية. ومن أجل تعزيز العمليات والمعاملات الإسلامية الدولية، فهنالك حاجة أولا لتخفيف القيود غير الإشرافية لتمكين الوسطاء الأجانب من الوصول إلى الأسواق المحلية ولتقوية التعاون الإقليمي والدولي، وثانيا لتوفير سهولة أكبر في حركة رأس المال الإسلامي بهدف توفير توزيع جيد وفعال للموارد المالية الإسلامية عبر العالم".
وتابع السيد/ سيتارامان حديثه عن التحديات قائلا: "أما في مجال إدارة المخاطر، فتختلف المخاطر لدى المؤسسات المالية الإسلامية عن المخاطر لدى نظيراتها من المؤسسات المالية التقليدية، ويعود ذلك إلى اختلاف محددات وأنواع المخاطر المرتبطة بتقنيات التمويل الإسلامي.
ويكمن التحدي الأكبر الذي يواجه المؤسسات المالية الإسلامية في هذا المجال في غياب إدارة السيولة على المدى القصير وإعادة تمويل الأدوات المالية الإسلامية على مدى أطول. ونتيجة لذلك، فإن إدارة الموجودات والمطلوبات باتت تشكل تحديًا كبيرًا بسبب عدم تطابق تواريخ الاستحقاقات.
بالإضافة إلى ذلك، وفيما يتعلق بغياب إدارة السيولة على المدى القصير، فإن الأدوات الموجودة بأسواق المال والمتوافقة مع الشريعة الإسلامية هي باختصار عمليات مرابحة عكسية معتمدة على توريد السلع ويمكن اعتبارها حلاً مرحليا فقط. وهناك تحد آخر مماثل لكنه يتعلق بتوفير السيولة اللازمة على المدى البعيد، ولذلك فإن إصدار الصكوك الإسلامية بات هو الحل الوحيد المتوفر لكن بشرط توافر موجودات مقابلة والتي يعتمد عليها التمويل الإسلامي في المقام الأول.
ويواجه التمويل الإسلامي تحديات كبرى أخرى في إطار عمل إدارة المخاطر والحوكمة، وهي صدور فتاوى متضاربة من قبل هيئات الرقابة الشرعية الإسلامية المختلفة، وتركيز الأعمال على قطاعات بعينها دون غيرها مثل قطاع العقارات، وتعقيد وطول إجراءات إعادة تسعير المعاملات الإسلامية، وغياب القواعد التنظيمية الموحدة...إلخ.
كما أن غياب المقاييس والمعايير العالمية وعدم تطبيق مبدأ الشفافية والإفصاح يضع المزيد من التحديات أمام تسويق الخدمات المالية الإسلامية. وكل هذه التحديات تترافق مع نقص في المهارات المطلوبة بسبب غياب المؤسسات المتخصصة المعترف بها كمؤسسات مؤهلة لمنح شهادات دبلوم ودورات جامعية المستوى في مجال التمويل الإسلامي. وكذلك فإن مواطن الضعف في البنية التحتية التكنولوجية الحالية الخاصة بالتمويل الإسلامي يجب دراستها وإيجاد الحلول لها مع أخذ الإجراءات والتدابير المناسبة والفورية للتأكيد على مبدأ التكامل الفعال بين التمويل الإسلامي وأسواق المال العالمية. [center]