عيونُ القـــــــدسِ يا ليلى تُناديني
تُذَكِّرُني... تُعاتبني... تُقاضــــيني
تَضُخُّ الأرضَ عشقاً في شراييني
تَشُـــدُّ يدي
وتهتفُ بي
وتفتحُ لي عيونا هَدّها الإعياءُ والوَسَنُ
وَتَنْكَأُ لي جراحاً مالها وطنُ
فأُبصرُها :
عروساً مالها عُرْسُ
شهيداً كَفُّهُ شمسُ
وهل أنساكِ يا قدسُ
وأنت العشقُ والأنفاسُ والحِسُّ
فلا واللهِ ما جَفّتْ شراييني
ولكنْ طعنةٌ في الظهرِ تُدْميني
تَشُلُّ يدي
تَسُدُّ فمي
تطاردني.... لتنسيني
ويأتيني... من الأطفالِ موالٌ فَيُحْيِيني
هناك رأيتُ وجهَ المجدِ والعِزّةْ
رأيتُ التينَ والزيتونَ مرسوماً....
على شفتيكِ يا غزةْ
وريحُ الأرضِ في زنديكِ كالعنبرْ
وطعمُ اللوزِ في خديكِ والزعترْ
هنا وطنٌ بحجمِ الكونِ بل أكبرْ
هنا الأرضُ التي نادت...
فهاجَ الطفلُ كالإعصارِ لا يهدأْ
فيا قنديلَنا المكسـورَ في الخيمةْ
ويا موالَنا المجروحَ في العتمةْ
غداً يأتيكَ من علـــــــــيائهِ القمرُ
غداً يخضرُّ في صحرائنا الشجرُ
الشاعر صبحي ياسين
محراث من حجر
الدارُ "يا ليلايَ" جَلّلَها الغبارْ
وَتَصَحّرَتْ "خُضْرُ المرابعِ" تحت عصفِ الريحِ...
في وََضَحِ النهارْ
الليلُ يزحفُ بالرمالِ وبالدماءِ وبالسعالْ
والريحُ تَعوي فوقَ أعناقِ الرجالْ
"ليلايَ" قد سقطَ القرارُ إلى القرارْ
والأرضُ يزرعها الصغارْ
فَتَلَفّتي "ليلايَ" في كل الجهاتْ
الزهرُ يذوي والغصونُ الخضرُ تمضي للموات
والقمحُ يسقطُ تحت أحذيةِ الطغاةْ
ومواسمُ الزيتونِ يحصدُها الغزاةْ
لولا شعاعٌ فَرّ من عينِ القمرْ
لولا ذراعٌ راح يحرثُ أرضَنا الجرداءَ....
فجراً بالحجرْ
لولاه ما اخضرّ الشجرْ
هُمْ يحصدون ثمارَ ما زرعَ الصغارْ
والدارُ تحلم بالورودْ
والطفل فيها أحمرَ الحَدَقاتِ يختزنُ الرعودْ
زُخِّي بمائكِ كي يموجَ الزرعُ في حضنِ الوطنْ
والزاحفونَ على الجباه يقايضون على الثمنْ
قُلْ يا حجر
قُلْ للذين تَسَلّلوا من تحتِ أبوابِ الزمنْ
الــزهرُ يحلمُ بالوطنْ
والطيرُ يحلمُ بالوطنْ
ولسوف يسقطُ تحت أقدامِ الوطنْ....
كلُّ الذين تَسَلّلوا من تحتِ أبوابِ الزمنْ
-38-
الشاعر صبحي ياسين
قبلة على كف طفلة
أتدري كيف يمشي العمرُ في الغربةْ
وكيف الجذرُ يَحْبو دونما تربةْ
وكيف أصابعُ الأطفالِ تنمو دونما رغبةْ
إلى وَتَرٍ... إلى لعبةْ
هنا الأغصانُ قد فَرّتْ بلابُلها
هنا الأنهارُ قد جَفّتْ جداولُها
حَمَلناها جبالَ الشوكِ من جيلٍ إلى جيلِ
وذقْناها كؤوسَ المرِّ من ميلٍ إلى ميلِ
وأَرْحَلُ صوبَ وجهِ الشمسِ مَحْمولاً على حلمي
أشدُّ لِجامَها المصنوعَ مِن ألمي... ومِن أملي
أنا في القبةِ الزرقاءِ كالإعصارِ أنطلقُ
أُلامِسُ جبهةَ الشّعرى
أعانقها ليشرقَ خَدُّها المصلوبُ في الظلمةْ
لتورقَ قربها نجمةْ
فهاتي كفَّكِ المجروحَ يا طفلةْ
لأطبعَ فوقها قُبلةْ